ننتج أجود الأنواع لصناعة العجوة
عبر تطبيق
يستقبل الفلاحون كل عام موسم حصاد البلح بفرحة وسعادة عارمة بين ظلال سعف النخيل، والشمس تلقى بأشعتها على عراجين البلح المتدلي علي جوانب النخلة، حيث يشارك النساء والأطفال وهم يحملون الصواني والبرانيك استعدادا لـ حصاد البلح، وشباب يسيرون بالمقاطف والمناجل بوجوه ضاحكة، وفلاحون متمرسون علي تسلق النخيل بالطبق والمطلاع والحبال لكي يحصدون البلح السيوي الأصفر الذهبي فرحين بانطلاق موسم “التمور” كرم النخيل في أيام الحصاد.
منظر بديع ساحر يغلبه خضرة بين حافتي النخيل وآلاف أشجار النخيل المثمرة المصطفة بجوار بعضها البعض، وخلية نحل دؤوبة تعمل ليل نهار في همه ونشاط دائم لا ينقطع بسواعد الآباء والأجداد.
التقت “البوابة نيوز” بالمزارعين والتجار في قرى بالشوبك الغربي ، المرازيق، والشنباب، وسقارة، ومنشأة دهشور، التابعة لمركز البدرشين حيث كانت الفرحة ترسم معالمها علي وجوههم كما اعتادت رسمه في شهر سبتمبر من كل عام مع انطلاق موسم حصاد البلح السيوي حيث تتألق طقوس وعاداتهم فيقومون بجمع المحصول بـ”الغلق” المصنوع من سعف النخيل، في ساعات الصباح الأولى وسط الهدوء والجو الخلاب، والجميع يشارك في تعاون كبارا وصغارا، قد خرجوا إلى الحقول سيرا على الأقدام.
يقول الحاج “إبراهيم الدكر ” 70 عاما، وهو أحد كبار تجار صناعة وبيع البلح السيوي، إن موسم حصاد البلح يبدأ كل سنة في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر ويستمر حتى نهاية شهر أكتوبر، وأن فترة الحصاد يتزامن معها مراحل نشر وفرز وتجفيف التمور في المناشر وتنظيفها وتعبئتها.
وأضاف لـ”البوابة نيوز” أن قرى البدرشين تنتج ثمارا متنوعة من أنواع البلح، منها البلح الأمهات والحياني الأحمر بالإضافة إلي البلح السيوي ، وهو من أجود أنواع التمور، الذي يدخل في صناعة البسكويت والقرص ودبس التمور والعسل الأسود وأيضا يتم توريده للمصانع لإنتاج وصناعة العجوة، وكمية أخري يتم تخزينها لدمجها في الأقفاص لإنتاج التمور والعجوة الكبيس، استعدادا لبيعها في الأسواق وتوزيع منها للأهل والأقارب، ويصل إنتاج النخلة الواحدة من البلح حوالي 100 كيلو جرام.
وتابع: إن التمر من المحاصيل الاستراتيجية الهامة في السوق المصرية التي تتميز وتشتهر بزراعتها في قرى مدينة البدرشين وما حولها مثل قرية الشوبك الغربي والمرازيق وأبو رجوان وسقارة وميت رهينة ، ويستمر موسم الحصاد من بداية شهر سبتمبر حتي نهايته وهو موسم بركة وخير ينتظره الفلاحون والمزارعون كل عام ويستقبلونه بفرحة وسعادة عارمة، مؤكدا أنه موسم عمل “منشر البلح” يستمر شهور ويوميات مربحة لعمال اليومية الفلاحين ، فمعظم أهالي القرية والقرى المجاورة يعملون في التمور في موسم حصاده.
ويقول “جمال” أحد أكبر صانعي مناشر البلح في القرية ويمارس المهنة أبا عن جد، بأن العاملين باليومية بـ قرية الشوبك الغربي ، البدرشين الجيزة ، يبدأون العمل بموسم الحصاد بداية من يوم 20 أغسطس ويستمر حتى نهاية شهر سبتمبر، ومن خلاله يجمعون البلح السيوي ويفترشون به علي مساحه أرض كبيرة تسع كمية منتج البلح ويتم توزيعه ونشره حتي يجف ويتم نضجه.
مضيفا أن موسم حصاد البلح يعتمد على مراحل عديدة ومتنوعة، يشارك فيها عدد كبير من المزارعين وعمال اليومية، فمنهم من تكون مهمته طلوع النخل وتجميع البلح والعراجين، ومنهم من تكون مهمته تقليم العراجين ونزع ثمار البلح عنها ونقلها للمناشر، والتي يتم فيها تجفيف ونشر البلح وتعبئته.
رزق وبركة
وأشار أن موسم حصاد البلح يمثل مصدر رزق سنوي لعدد كبير من الفلاحين والمزارعين فالبعض ينتظره كمحصول ورأس مال لتعليم وتزويج أبنائه وبناته، وتوفير احتياجات الزواج لهم، أو سداد ديونه واحتياجاته من المال، كما أنه يمثل مصدر دخل لعمال اليومية.
وأكد إلى أن العامل يبدأ يومه في موسم الحصاد من الساعة السادسة صباحا وحتى الساعة الرابعة عصرا، سواء كان في طلوع النخل، أو تجميع البلح ، أو تقطيع العراجين وتقليمها، أو النقل والتحميل ، ويتراوح أجر العامل حسب خبرته وأدائه حيث يتقاضى يومية 300 جنيه.
وقال “محمد علي” أحد عمال منشر البلح: “بنتعب ونشقى عشان نوفر مصدر دخل لينا، رزق بنستناه”.
وعن قصة زراعة النخل حتي تمام نضجه فيتم زراعته في البداية كفرخ أو فسيل صغير، ويبدأ في الإنتاج بعد سنوات من مدة زراعته بحوالي 8 سنوات ، مشيرا إلى أن هناك وقت معين في السنة يتم فيها وضع طلع النخيل في قلب أو أعلي النخلة ثم يجري عليها عملية التطريح ومنها يتم تلقيح ثمرة البلح ذاتيا حتى تمام نضجها وذلك بعد أشهر.
أما الاستعداد لمراحل الحصاد تتمثل في البداية يتم تقطيع البلح من على النخل وخرطه وتحميله ونقله إلى المناشر، التي يتم فيها نشر وتوزيع البلح علي أجولة نظيفة في الأرض تمتد لمساحات كبيرة وتحت أشعة الشمس لمدة تتراوح بين سبعة أيام إلي أسبوعين حتي تمام النضج ، تختلف المدة حسب درجة الحرارة، وبعدها تأتي مرحلة التنظيف والفرز والتعبئة في أقفاص أو غلقان وهي المرحلة النهائية لما قبل البيع؛ مؤكدا أن التمر مصدر رئيسي لنمو اقتصاد البلد.
وأوضح أن إنتاجية النخل تتوقف على أسباب وعوامل كثيرة ، منها نوع وعمر النخلة، وخدمة الفلاح للأرض، فقد تكون إنتاجية النخلة مائة كيلو جرام، ومتوسط عمر النخلة يصل لثمانين عاما، بالإضافة إلى أن التمر السيوي، الذي تنتجه قرى البدرشين، يتحول بعد نشره وتنشيفه لعجوة، يتميز بإمكانية تخزينه لفترات طويلة، مؤكدا: “التمر مصدر دخل وثروة قومية كبيرة للدولة يجب الاهتمام بها والحرص علي دعمها من وزارة الزراعه والمركز القومي للبحوث”.