ننظم حفلًا للأطفال الأيتام بقرية طحانوب كل 3 شهور منذ 2018
عبر تطبيق
وسط زحام الحياة وتعقيداتها، تبقى لمسة الحنان ودفء العطاء هما الشموع التي تضيء دروب القلوب المثقلة بأعباء الفقد والألم، فبين أروقة المجتمع هناك قلوب صغيرة تائهة تبحث عن البهجة، وعن ضحكة صادقة تُنير ملامح وجوهها البريئة، هؤلاء هم الأطفال الأيتام الذين جارت عليهم الأقدار بفقدان سندهم الأول سريعًا.
لكنهم لم يفقدوا حقهم في الفرح والسعادة، فإدخال السرور على قلب طفل يتيم هو فعل إنساني نبيل يلامس أعماق الروح ويرتقي بالمجتمع إلى مراتب الرحمة والإنسانية، فقد حُرموا من دفء الأسرة، ويحتاجون إلى من يمد لهم يد العون، ليس فقط بالدعم المادي، ولكن أيضًا بالحب والاهتمام، ليشعروا بأنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم، وأن هناك من يشاركهم أحلامهم وآمالهم وطفولتهم، ويمنحهم الأمل في غدٍ أفضل.
ووسط هذا المعنى السامي، أشرق نور المبادرة الإنسانية في قرية طحانوب بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، حيث اجتمع شباب متطوعون متحمسون ليقدموا لأطفال القرية الأيتام يومًا ترفيهيًا مليئًا بالفرح والبهجة.
لم يكن هذا اليوم مجرد مناسبة عابرة، بل كان رسالة حب واحتضان لهؤلاء الأطفال، وإيمانًا بأن الفرحة حق لهم، وبأن قلوبهم تستحق أن تنبض بالأمل والحياة، فهو بمثابة تعبير حي عن أسمى معاني الإنسانية، ووسيلة لإظهار أنه ما زال في قلوب الناس من الرحمة والطيبة ما يكفي ليمسح دمعة طفل، ويرسم ضحكة على شفتيه.
ففي هذا اليوم، تتجاوز الإنسانية حدود الكلمات، لتصبح فعلًا ملموسًا يعانق القلوب، ويزرع بذور المحبة في أرض العطاء، وإلى جانب الجهود الذاتية وتبرعات أعضاء فريق “رسم البسمة”، شهدت المبادرة دعمًا من بعض رجال العمل الخدمي بالقرية مثل الأستاذ ياسر الدغيدي، الذي يقف مع الفكرة قلبًا وقالبًا، وأكد أن المجتمع بأسره يقف جنبًا إلى جنب مع هؤلاء الأطفال، ومن خلال هذه الجهود المشتركة، تمكن أهالي قرية طحانوب من تحويل يوم عادي إلى ذكرى جميلة في قلوب أولئك الأطفال.
فريق رسم البسمة
في قرية طحانوب بمركز شبين القناطر محافظة القليوبية، تجسدت أسمى معاني التكافل الاجتماعي والتعاون المجتمعي عندما اتحد بعض الأهالي بروح من المحبة والعطاء لتنظيم يوم ترفيهي للأطفال الأيتام.
حيث تولى تنظيم هذه الحفلة فريق “رسم البسمة” بالتعاون مع جمعية أعمار للخير والتنمية، وهم مجموعة من الشباب المتطوعين بالقرية الذين حملوا على عاتقهم مسئولية إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الأيتام.
ولم يتوانَ هذا الفريق عن بذل الوقت والجهد في جمع التبرعات وتنظيم الفعاليات لضمان أن يكون اليوم مثاليًا ومليئًا بالبهجة، فكان هؤلاء الشباب بمثابة العمود الفقري للحفل، حيث عملوا بجد وإخلاص لتجهيز كل ما يلزم من مستلزمات مدرسية وألعاب ووجبات وأنشطة ترفيهية.
بدأت فكرة الحفلة عندما قرر مجموعة شباب متطوعون بقرية طحانوب، القيام بشيء مميز للأطفال الأيتام في قريتهم، فلا يكون هذا اليوم مجرد حفلة عادية، بل تجربة تؤثر بشكل إيجابي على الأطفال والشباب المتطوعين على حد سواء.
فيقول طاهر نصر الدين، أحد أعضاء فريق “رسم البسمة”، إن الحفل بالنسبة للأطفال هو فرصة للخروج من الروتين اليومي والشعور بأن هناك من يهتم بهم ويحبهم، فيمنحهم هذا اليوم شعورًا بالانتماء والفرحة، ويؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم.
أما بالنسبة للشباب المتطوعين، فيكون فرصة حقيقية لتعزيز قيم العطاء والتعاون، مؤكدًا أن الفريق المنظم للحفل والذي يتكون من 20 شابا وفتاة، يشعرون جميعًا بالسعادة والرضا لرؤية الابتسامة على وجوه الأطفال، ويدركون جيدًا أهمية الأعمال التطوعية في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، وأضاف “نصر الدين”، أنهم يعلموا تمام اليقين أنهم بإمكانهم من خلال العمل الجماعي والمبادرات البسيطة، إحداث فرق حقيقي في حياة الآخرين.
فيما قال أحمد طاهر قدر، إن التحضير للحفلة يستغرق أسبوعين على الأقل، حيث يقومون بجمع التبرعات اللازمة لشراء الألعاب والهدايا، وأيضًا لتنظيم الأنشطة الترفيهية.
وأوضح أن الحفلة تلك المرة قد أتت بالتزامن مع الموسم الدراسي الجديد، فقرروا شراء المستلزمات المدرسية للأطفال، مع حجز يوم ترفيهي لهم في إحدى الملاعب مع وجود عدة أنشطة ترفيهية، ولم يقتصر الأمر على المستلزمات المدرسية فقط، بل شمل أيضًا ألعابًا وهدايا رمزية لتوزيعها خلال الحفلة.
وأضاف أن فريق “رسم البسمة” يقوم أيضًا بتحضير فقرات اليوم الترفيهي، وتشمل مجموعة متنوعة من الألعاب والأنشطة مثل الألعاب الجماعية، والرسم على الوجه واليد، ومسابقات ترفيهية، مما يُضفى على اليوم جوًا من البهجة والمرح، موضحًا أنه يتم التنسيق بين فريق المتطوعين لتنظيم الألعاب وتوزيع الجوائز لضمان سير اليوم بسلاسة.
ويشير جمال ضياء، إلى أنه يتم حصر الأطفال الأيتام بالقرية عن طريق كشوف المدارس والجمعيات الخيرية، ويتم التواصل مع الأهالي وتبليغهم بموعد الحفل، حتى صار ينتظره الأطفال بلهفة وحب، وأعرب عن امتنانه الشديد لبقية زملائه.
ولفت “ضياء”، إلى أن الحفلة تفوق التوقعات في كل مرة، حيث يجتمع الأطفال بمكان الحفلة ويتم استقبالهم بالابتسامات والأحضان من قبل المنظمين، ويبدأ اليوم بأنشطة ترفيهية بسيطة لكسر الجمود، حيث تم توزيع بالونات ملونة على الأطفال.
وتابع: وحين يكتمل العدد، تبدأ الألعاب الجماعية مثل لعبة شد الحبل، وكرة القدم المصغرة، كما يتم تخصيص زاوية للرسم على الوجه واليد، حيث يتمكن الأطفال من اختيار الرسوم والألوان المفضلة لديهم.
كما أوضح جلال خالد سليم، أن ذلك اليوم ينتظره المتطوعون أكثر من الأطفال، فهو بمثابة إعادة للروح وإمدادها بالطاقة الإيجابية؛ مؤكدًا أن اليوم الترفيهي للأطفال لا يقتصر على الألعاب فقط، بل يشمل عروضًا بسيطة مثل الحكايات المسلية والقصص التفاعلية.
بينما يتم تنظيم مسابقة سريعة للرسم، حيث تتيح للأطفال فرصة التعبير عن أنفسهم من خلال الرسومات والألوان، مع توزيع جوائز رمزية للفائزين، مشيرًا إلى أنه بعد الفقرات الترفيهية، وفي نهاية اليوم تم توزيع المستلزمات المدرسية والهدايا وألعاب صغيرة ووجبات على الأطفال.