يجب أن تتوافق مع القيم والأعراف الجامعية
عبر تطبيق
علق تربويون على الوقائع التى باتت أشبه بظاهرة للرقص الجماعى فى حفلات التخرج، والتى يشوبها مجموعة من التصرفات الغريبة وغير التقليدية.
وفى هذا الشأن؛ حذر الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوى ومدير مركز التقويم والقياس بجامعة القاهرة، من خطورة انتشار مثل هذه الظاهرة فى أوساط الطلاب الأمر الذى ينعكس على المجتمع بأثره.
وقال “حجازي”، فى تحليل مطول نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، إن من حق الطلاب أن يفرحوا بتخرجهم بالطبع، إلا أنهم يجب أن يراعوا الأعراف والتقاليد الجامعية.
وأشار إلى غياب مفاهيم حرمة الحرم الجامعى وغالبا لا يتعلم الطلاب فى كلياتهم أى شىء يتعلق بالتقاليد والأعراف الجامعية وما يتعلق بقدسية ومكانة الحرم الجامعي، بالإضافة إلى عدم إشراف الجامعة على هذه الحفلات والتدخل فى تفاصيلها، وبالتالي ترك أمر تنظيم مثل هذه الحفلات للطلاب، وبالتالى لا رقيب على الإجراءات التى تتم وغالبا تتم بشكل غير مقبول، وغياب عنصر المساءلة والعقاب أدى إلى تكرار وقوع مثل هذه المخالفات.
أضاف “الخبير التربوي” أن الطلاب يجب أن يكون لديهم الوعى الكافى بكيفية التعبير عن فرحهم بالتخرج دون المساس بالتقاليد والأعراف والعادات التى تربينا عليها وأولها احترام قدسية المكان والاشخاص، فالتعامل مع الموقف لابد أن يكون باتزان وبطريقة تتناسب معه، كما أن التساهل فى الأمر سمح للتمادى فيه لذا لابد من اتخاذ موقف لا محال.
وتابع: “من أهم أسباب تكرار وانتشار وقائع الرقص والاحتفال المبالغ فيه هو غياب العقاب والمساءلة، مشددا على أن هذه الظاهرة لها أسباب وتأثيراتها السلبية على العملية التعليمية، ولعل ظهور هذه الظاهرة يرجع إلى قصور فى التربية الوجدانية حيث أصبحت المؤسسات التربوية على اختلافها تهتم فقط بالمعلومات والمعارف ولا نهتم بتربية مشاعر الطلاب ووجدانهم.
وأكمل “حجازي” قائلا: “نحن لا نهتم بتعليم أبنائنا فى المدارس كيفية التعبير عن فرحهم بطريقة صحيحة ومقبولة اجتماعيا وبالشكل المتوازن الذى يحافظ على تقاليد وقيم المجتمع وعلى مشاعر الآخرين وعلى قدسية المكان الذى تقام فيه الاحتفالات العلمية أو الدينية ولم نعلمهم أن من حقهم أن يفرحوا ولكن فى حدود اللياقة والأدب والذوق العام فالاتزان الانفعالى وضبط النفس من المفاهيم الغائبة فى التربية الأسرية وفى المؤسسات التربوية أيضا بشكل عام.
ولفت الخبير التربوى إلى أن من أسباب انتشار الرقص فى حفلات التخرج هو التساهل من قبل كل المشاركين فى الحفل وقبولهم لبعض التجاوزات والتى بدأت بالسماح للطلاب بإدخال الآلات والأدوات وتشغيل أغانى المهرجانات داخل الحرم الجامعى وهذا القبول بوجود هذه المخالفات داخل الحرم الجامعى أعطى انطباعا لدى الطلاب بقبول الجامعة لهذه التجاوزات ورضاهم عنها.
التريند كلمة السر
وشدد الخبير التربوى فى تحليله على أن سعى الطلاب للشهرة والسعى وراء اللقطة والتريند والرغبة فى ترك علامة مميزة للطالب بين أصدقائه وحيث إنه لم يستطع ترك هذه البصمة بعمل علمى وإنسانى مميز فإنه يلجأ إلى هذه الطرق العشوائية للتعبير عن ذاته والتى أخفقت المؤسسة التعليمية فى مساعدته على التعبير عن ذاته وإظهارها بشكل مقبول من خلال الأنشطة المختلفة التى يجب أن تقدمها للطلاب.
وأوضح “حجازي” أن هذه الظاهرة لها العديد من الأضرار على العملية التعليمية، حيث تقلل من قيمة وهيبة الأستاذ الجامعى وتفقده كثيرًا من مكانته لدى الطلاب، و ازدراء العلم والتقليل من قيمته وأهميته فهذه الاحتفالات من المفترض أنها أعدت لتكريم العلم وليس للحط من شأنه، بالإضافة إلى أنها تؤدى إلى شرعنة الخروج على القواعد وإعطاء قيمة أعلى للنرجسية والتساهل وعدم الالتزام.
وأكمل: “ومن الأضرار أيضًا فقدان الحرم الجامعى لهيبته ومكانته، وبالتالى سينعكس ذلك على احترام الطالب لجامعته، ثم على تقديره للعلم الذى تعلمه فيها، وتراجع دور الجامعة كمؤسسة تربوية تهدف إلى تقويم وتهذيب سلوك الطالب وصقل شخصيته جنبا إلى جنب مع تقديم العلوم والمعارف.
كذلك تبنى الطلاب لمفاهيم الحرية غير المسئولة والتمركز حول الذات وعدم الاعتداد بقواعد وقوانين المجتمع وهو ما يمهد لخروج جيل لديه استعداد لخرق القوانين والإضرار بالمجتمع.
كيفية القضاء على الظاهرة؟
ودعا الخبير التربوى إلى ضرورة وضع إجراءات وقيود صارمة على تنظيم حفلات التخرج من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وأن يتم تنظيم مثل هذه الحفلات تحت إشراف إدارة رعاية الشباب فى الكلية وحظر مشاركة أعضاء هيئة التدريس فى حفلات تخرج تتم خارج الحرم الجامعي، بالإضافة إلى الاهتمام منذ المراحل التعليمية الأولى بالتربية الوجدانية للأبناء والعمل على استعادة هيبة العلم وقدسيته فى نفوس الطلاب.
وطالب “حجازي” بالاهتمام من قبل الأسرة بتدريب الأبناء على الاتزان الانفعالى والتعبير عن مشاعرهم بشكل ليس فيه إفراط أو تفريط، حيث إن الوسطية فى التعبير عن المشاعر تضمن عدم حدوث أى ضرر للفرد أو المجتمع والتعبير عنها بشكل مبالغ فيه له عواقب خطيرة على الفرد والمجتمع.
وبجانب هذه الإجراءات، دعا الخبير التربوى إلى ضرورة الحرص على ترك مساحة مناسبة للطلاب داخل جامعاتهم للتعبير عن أنفسهم باعتدال وإثبات ذاتهم وتقديم إنجازات مفيدة من خلال الأنشطة المختلفة التى تناسب ميولهم ورغباتهم فى إطار تربوى مناسب.
كما طالب بتطبيق القانون على المخالفين بكل حسم وحزم واتخاذ إجراءات تمنع حدوث مثل ذلك فى المستقبل من خلال تحديد إجراءات الموافقة على إقامة مثل هذه الحفلات وتحديد المعايير التى يجب توافرها بكل دقة وتفصيل.
يجب أن تتوافق مع القيم والأعراف الجامعية
من جهته، قال الدكتور حسن شحاتة الخبير التربوي، إن من حق الطلاب التعبير عن فرحتهم بكل حرية ونحن لا نحرم أحد من الفرح، ولكن يجب أن يكون الفرح والسمر فى إطار القيم الوطنية والمجتمعية.
وأضاف “شحاتة”، فى تصريحاته لـ”البوابة” الطلاب يرون أن الرقص خلال هذه الحفلات جزء من حريتهم الشخصية، ولكن هناك نقطة فى غاية الأهمة يجب أن يعرفوها جيدًا وهى أن الرقص وإن كان جزءا من ثقافة المجتمع والهوية المصرية إلا أنه له مكانه وتوقيته المناسب.
وتابع: لذا يجب احترام الحرم الجامعى وأن يكون أى احتفالات أو مناسبات تتوافق مع القيم والأعراف الجامعية، وكذلك فى إطار القيم الوطنية والمجتمعية وفى أماكن ومناسبات معلنة ومحددة ما لم تمس الحياء العام والقيم المجمعية والتقاليد المتوارثة.
وقال: “ما يحدث فى الحفلات من خروج عن الأعراف والتقاليد يعد خطأ كبير يجب أن توضح له نهاية وحد معين، وضمانات وإجراءات تمنع تكرار هذه المظاهر التى تهدد الأعراف الجامعية وتنتهك حرمة الجامعة ككيان تعليمى له قيمته فى المجتمع”.
مهزلة يجب أن تتوقف
أما الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوي، فقال إن مشاهد الاحتفال والرقصات التى شهدها أكثر من جامعة فى الآونة الأخيرة تمثل أكبر مثال للخروج عن النص، وأقل ما توصف به أنها “مهزلة يجب أن تتوقف”.
وأضاف الخبير التربوى أنه من المتعارف عليه أن حفلات التخرج تشمل فعاليات من أهمها تسلم شهادات التخرج وسط حضور كبير من الطلاب والأهالى وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، إلا أن ما شهدناه من نوبات رقص لا تليق أبدا بطلاب الجامعات، كما تسئ للجامعة كمؤسسة تعليمية لها دورها البارز فى المجتمع مثل حرمة المسجد والكنيسة.
ودعا “عبد العزيز” إلى ضرورة تدخل قيادات الجامعات ووزارة التعليم العالى لمنع تكرار هذه الوقائع، وأن تكون الاحتفالات تتماشى مع الأعراف والتقاليد الجامعية وآدابها.
الشهرة والتريند كلمة السر
أما استشارى الطب النفسى الدكتور جمال فرويز فيرى أن كل ما حدث من رقص وتصرفات غير مقبولة من قبل طلاب الجامعات له دافع واحد هو السعى نحو الشهرة و”ركوب التريند”.
وقال “فرويز” فى تصريحاته لـ”البوابة” إن ما شهدناه على مدار الفترة الماضية من رقص للفتيات فى حفلات التخرج “غير مقبول تمامًا” وكل من يلجأ لهذه التصرفات المنافية للآداب والأعراف الجامعية يهدف فقط إلى الشهرة وتصدر “التريند”، والتصرف الصحيح هو الحرص على احترام آداب وتقاليد وأعراف الجامعة ومكانتها العلمية المهمة.
وتابع: “من حق الطلاب أن يفرحوا بتخرجهم ولكن خارج الحرم الجامعي، نظرًا لمكانته العلمية، حيث إنه له من المكانة والمنزلة التى يجب احترامها وعدم مخالفة أعرافها وتقاليدها”.