10 إرهاصات حدثت يوم الميلاد.. و-المراغي» يحذر من إضافات ليست في السيرة النبوية
عبر تطبيق
مولد النبي (صلى الله عليه وسلم) من المواقيت التي ينتظرها الناس ببالغ الفرح في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري، حيث إن الاحتفال بميلاد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) عمل من الأعمال الجليلة، ومظهر من المظاهر الطيبة، وبرهان يتجلى فيه حب هذه الأمة لنبيها وتعلقها برسولها الكريم (صلى الله عليه وسلم).
وتغيرت ملامح الاحتفال به على مدار التاريخ بدءًا من فجر الإسلام، حيث إن النبي كان يحتفل بيوم ميلاده وكان يصوم ذلك اليوم، وللاحتفال به ثواب وأجر من الله سبحانه، وورد أنه إذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفِّه كل يوم إثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمَّا بَشَّرَته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في -صحيح البخاري».
ونقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية “سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد” عن بعض صالحي زمانه: أنه رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): “مَن فرِح بنا فَرِحنا به”.
وُلد فجرًا
ذكر الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في كتاب الرحيق المختوم: ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571م. ويُقدِّرُ أهل السِّيَرِ ميلادَ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِشهرِ نيسان أو أبريل لعام خمسمئةٍ وواحد وسبعينَ ميلاديَّة.
وأوضح المباركفوري: وأما توقيت ذلك بطلوع الفجر: فرواه الزبير بن بكار -ومن طريقه الحافظ ابن عساكر فى “تاريخ دمشق” (3/ 70، ط. دار الفكر)- عن معروف بن خربوذ وغيره من أهل العلم قالوا: “ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الفيل، وسميت قريش آل الله، وعظمت فى العرب، ولد لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول … يوم الإثنين، حين طلع الفجر”.
جاء في كتاب -على هامش السيرة»، للدكتور طه حسين، أن عبد المطلب جد رسول الله صلي الله عليه وسلم، كانت له رفاة الحاج وسقايته بعد عمه المطلب، فكان يطعم الناس إذا حجوا البيت ويسقيهم، ويجمع لهم الماء في أحواض من الأدم، وكان يجد في هذا جهدًا وعسرًا، فبينما هو نائم ذات ليلة أتاه آت رأى شخصه ولم يتبين له سمةً ولا شكلًا، وقال له في صوت رفيق غريب، فيه أنس وفيه وحشة: “اخفر طيبة”.
وكان يقصد بذلك بئر زمزم، وقال في ذلك أبياتًا لأهم قد لبيت من دعاني، وجئت سعي المسرع العجلان، ثبت اليقين صادق الإيمان، يتبعني الحارث غير وان، جذلان لم يحفل بما يعاني، لأهم فلتصدق لنا الأماني، ما لي أن ترضه يدان، وهم عبد المطلب وابنه الحارث الذي أنجبه من زوجته الأولي “سمراء” إلي الحفر.
وعند الانتهاء وجدا داخل البئر غزلان من ذهب نقي ثقيل وسيوف ودروع فأخذ يكبر، فأسرع عليه الطامعون من أهل قريش، وأداروا أمرهم بينهم، فقال هشام ابن المغيرة إنما هو لقريش، فكل ما وجد داخل الحرم في أرض عامة فهو لقريش، وقال حرب ابن أمية: إنما هو لبني عبد مناف خاصةً فهم الذين احتفروا وهم الذين ظفروا وما كان لقريش أن تغلبنا علي خير ساقته لنا الآلهة.
احتكم الطرفان عن الكاهن وقضي فيهم أن توضع هذه الأشياء في الكعبة، وبدأ عبدالمطلب في سقي الناس من البئر في بهجة وسرور وشرط عليهم أن أمر هذا الماء بيده وسيكون الأولي بالسقي هم الحجاج أولًا ثم أهل قريش، فغار من قريش وقالوا له إن هذه الأرض ملك لله ثم لقريش، وقال لهم عبدالمطلب إنكم لم تبلغوا مني شيئًا إنكم تستضعفوني أني وحيد ولي ابن واحد.
ولكن الذي سخرني لهذا الأمر خليق أن يمنحني من الولد من أكاثركم فإن منحني عشرة ذكورًا أراهم بين يدي لأضحين بواحد منهم، ذهب عبد المطلب ليخطب فاطمة المخزومية، فأنجب منها أولاده العشرة، وأقسم أن يوفي نذره وأقبل ببنيه إلي الكعبة فأجال فيهم قداحة فخرج القدح على أحبهم إليه “عبدالله”، فأخذه إلي المذبح، تأثر قريش بهذا الأمر وأمه واحترق قلب أمه ألمًا واستقر بهم الأمر على أن يحتكموا ويقترعوا بينه وبين مائة من الإبل، فوقع الاقتراع على الإبل ونجا عبد الله من الذبح.
تتشابه هذه الواقعة مع واقعة سيدنا إبراهيم الخليل عندما تلقي أمرًا بذبح ابنه إسماعيل ولكن الله فداه بكبش من السماء، وكان سيدنا إسماعيل هو أبو العرب وأساس نسل قريش كلها.
جاء بمعجزة عقلية خالدة
جرت سنة الله في ابتعاث رسله إلي خلقه لتبصيرهم بعظمته وجمعهم علي عبادته، أن يؤيدهم بأمور حسية تخالف السنن الكونية، وتشد علي النواميس الطبيعية، لتكون معجزة الرسول المرسل مفحمة لأعجب الأمور ومبطلة لأقوى الأشياء في حسبان القوم المرسل فيهم، فلا يجدون متعلقًا يتشبثون به، ولا سبيلًا يتخذونه إلى اختداع الضعفاء، فقد أيد الله سبحانه وتعالي موسى عليه السلام، وكان عصره عصر سحر، بفلق البحر، وانقلاب العصا حية تسعي، وانفلاق الحجر الصلد بعيون الماء، كذا أيد عيسي عليه السلام، وكان عهده الطب، بإبراء الأكمة والأبرص وخلق الطير من الطين وإحياء الموتي.
ويقول الباقلاني، في كتابه -دلائل الإعجاز»: ولما أرسل الله رسوله محمدًا إلي الناس أجمعين وجعله خاتم النبيين، أيده بمعجزات حسية كمعجزات من سبقه من المرسلين، وخصه بمعجزة عقلية خالدة وهي إنزال القرآن الكريم، الذي لو اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثله لم يستطيعوا ولم يقاربوا، وكان ذلك في زمن سما فيه شأن البيان وجلت مكانته في صدور أهله وعرف عنهم الفصاحة وقوة العارضة في الإعراب عن خوارج النفوس والإبانة عن مشاعر القلوب.
وظل رسول الله يتحداهم بما كانوا يعتقدون في أنفسهم القدرة عليه، وقد أدهش القرآن العرب لما سمعوه وحير ألبابهم وعقولهم بسحر بيانه فمنهم من آمن به ومنهم من كفر، وافترقت كلمة الكافرين في وصفه فقال بعضهم هو شعر وقال فريق إنه سحر وزعمت طائفة أنه أساطير الأولين اكتتبها محمد وذهب قوم إلي أنه إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون وقال غيرهم لو نشاء لقلنا مثل هذا لكنهم لم يقولوا هم ولا غيرهم، لأن تأليف القرآن البديع ووصفه الغريب قد أخذ عليهم منافذ البيان كلها وقطع أطماعهم في معارضته.
وقد ندب الله المسلمين إلي تلاوة القرآن وحضهم على اذكار معانيه وتدبر أغراضه ومراميه ليهتدوا ببصائره وهداه حتى تكون كلمتهم فيها هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلي، وكانت مسألة الإعجاز من أبرز المسائل التي تناولها العلماء بالبحث أثناء تفسيرهم للقرآن وردهم علي المنكرين وخوضهم في علم الكلام.
ويقول الرماني، إن وجوه إعجاز القرآن تظهر في سبع جهات وهي “ترك المعارضة، مع توافر الدواعي وشدة الحاجة، والتحدي للكافة، والصرفة، والبلاغة، والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلية، ونقض العادة، وقياسه بكل معجزة”، وقسم البلاغة إلي ثلاث طبقات وقال: إنما كان في أعلامها معجز وهو بلاغة القرآن، ثم عرف البلاغة بأنها إيصال المعنى إلي القلب في أحسن صورة من اللفظ، وأعلاها طبقة في الحسن بلاغة القرآن”.
وأضاف: وأما عن توافر الدواعي فتوجب الفعل مع الإمكان لامحالة في واحد كان أو في جماعة، والدليل علي ذلك أن إنسانًا لو توافرت دواعيه إلى شرب الماء بحضرته من جهة عطشه واستحسانه لشربه وكل داع يدعو إلي مثله وهو مع ذلك ممكن له، فلا يجوز أن يقع شربه منه حتى يموت عطشًا لتوافر الدواعي، فإن لم يشربه مع توافر الدواعي له دل ذلك علي عجزه عنه، فكذلك توفر الدواعي إلي المعارضة على القرآن لما لم تقع المعارضة دل ذلك على العجز عنها.
وقال عن الصرفة: وأما الصرفة فهي صرف الهم عن المعارضة وعلى ذلك يعتمد بعض أهل العلم في أن القرآن معجز من جهة صرف الهم عن معارضته، وذلك خارج عن العادة كخروج سائر المعجزات التي دلت على النبوة وهذا عندنا أحد وجوه الإعجاز التي تظهر منها العقول.
“المراغي” يحذر من إضافات ليست من السيرة النبوية
في منتصف فبراير من عام 1935 كتب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى المراغي مقدمة لكتاب “حياة محمد” للمفكر والسياسي الراحل محمد حسين هيكل.
وأشاد شيخ الأزهر بطريقة هيكل في كتابه، محذرا من التعاطي غير الدقيق مع السيرة النبوية، فقد أضيف إليها ما ليس منها، وفق مقدمة الشيخ المراغي.
واستعرض هيكل في كتابه “حياة محمد”، السيرة النبوية بأسلوب راقٍ وحديث، يخاطب القراء المعاصرين والمتلقى غير العربى وغير المسلم أيضا، وخلاله يحاول تفسير ظواهر مثل الوحى والنبوة وجبريل والملائكة، ويقف طويلا عند بعض القصص الشائكة.
وجاء في مقدمة المراغي: “منذ وجد الإنسان على الأرض وهو مشوق إلى تعرُّف ما في الكون المحيط به من سنن وخصائص، وكلما أمعن في المعرفة ظهرت له عظمة الكون أكثر من ذي قبل، وظهر ضعفه وتضاءل غروره. ونبي الإسلام صلوات الله عليه شبيه بالوجود. فقد جدَّ العلماء منذ أشرقت الأرض بنوره يتلمسون نواحي العظمة الإنسانية فيه، ويتلمسون مظاهر أسماء الله جلَّت قدرته في عقله وخُلقه وعلمه. ومع أنهم استطاعوا الوصول إلى شيء من المعرفة، فقد فاتهم حتى الآن كمال المعرفة؛ وأمامهم جهاد طويل، وبُعد شاسع، وطريق لا نهاية له.
والنبوة هبة الله لا تُنال بالكسب؛ لكن حكمة الله وعلمه قاضيان بأن تمنح للمستعد لها والقادر على حملها. الله أعلم حيث يجعل رسالته. ومحمد أُعِدَّ لأن يحمل الرسالة للعالم أجمعه، أحمره وأسوده، إنسه وجنه، وأعِدَّ لأن يحمل رسالة أكمل دين، ولأن يختم به الأنبياء والرسل، وليكون شمس الهداية وحده إلى أن تنفطر السماء وتنكدر النجوم، وتُبدل الأرض غير الأرض والسموات.
عصمة الأنبياء في التبليغ وأداء أمانة الوحي قضية فرغ العلماء منها؛ فليس للأنبياء فضل الاختيار في التبليغ وأداء الأمانة بعد طبعهم بخاتم النبوة واختيارهم لها. وهذا التبليغ نتيجة حتمية للنبوة لا مردَّ لها. غير أن الوحي لا يلازم الأنبياء في كل عمل يصدر عنهم وفي كل قول يبدر منهم؛ فهم عرضة للخطأ، يمتازون عن سائر البشر بأن الله لا يقرُّهم على الخطأ بعد صدوره، ويعاتبهم عليه أحيانًا.
وسيرة محمد صلوات الله عليه وعلى آله كسائر العظماء أُضيفَ إليها ما ليس منها، إما عن حب وهوى وحسن قصد، وإما عن سوء قصد وحقد. غير أنها تمتاز عن سير العظماء جميعهم بأن منها شيئًا كثيرًا ضمه الوحي الإلهي وضمن حفظه القرآن المطهر، وشيئًا كثيرًا رُوي على لسان الحفاظ الثقات من المحدِّثين، وعلى هذه الأسس الصحيحة يجب أن تبنى السيرة، وأن يستنبط العلماء منها حِكَمَها وأسرارها ودقائقها، وأن تحلَّل التحليل العلمي النزيه، ملاحظًا في ذلك ظروف الوسط وحال البيئة ونواحيها المختلفة من عقائد ونظم وعادات.
10 إرهاصات حدثت يوم ميلاد النبي
الأولى: ذكر أهل السير معجزات ولادة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومنها: أولًا: أنه وُلِد مختونًا مقطوع السرة، وخرج نورٌ معه، أضاء مساحة واسعة من الجزيرة العربية، بحسب شهادة أم عثمان بن العاص، وأم عبد الرحمن بن عوف، اللتين باتتا عند أم النبي ليلة الولادة، فقد قالتا: رأينا نورًا حين الولادة أضاء لنا ما بين المشرق والمغرب.
والثانية: قالت السيدة آمنة أم النبي، إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شيء، وسمعت في الضوء قائلا يقول: إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا صلى الله عليه وآله، وأتي به عبد المطلب لينظر إليه، وقد بلغه ما قالت أمه، فأخذه ووضعه في حجره.
والثالثة: كانت أُمّه عليها سلام الله قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه وكان هذا الاسم نادرًا بين العرب فلم يسم به منهم سوى 16 شخصًا، ولذا فإنّه كان من إحدى العلامات الخاصّة به، والرابعة: تساقطت الأصنام في الكعبة على وجوهها، والخامسة: تحطم إيوان كسرى (ملك الفرس في ذلك الوقت)، وسقطت أربع عشرة شرفة منه.
والسادسة: أخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام.
والسابعة: جفت بحيرة ساوة (وهي بحيرة مغلقة ذات ماء مالح تقع في محافظة المثنى، جنوب العراق على بعد عدة كيلومترات من مدينة السماوة مركز المحافظة).
والثامنة: لم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا.
والتاسعة: انتُزع علم الكهنة، وبطُل سحر السحرة، ولم تبق كاهنةٌ في العرب إلا حُجبت عن صاحبها.
والعاشرة: حجب إبليس عن السموات السبع، فكان إبليس- لعنه الله- يخترق السماوات السبع، فلما وُلد عيسى عليه السلام حُجب عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سماوات، فلما وُلد رسول الله – صلّى الله عليه وآله – حُجب عن السبع كلها ورميتْ الشياطين بالنجوم.
مرويات الاحتفال بمولده
ورد أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي يكون بتجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وورد أنه يدخل في ذلك ما اعتادهُ الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف، فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته.
ولم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، وأنه إذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًا؛ لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذٍ ضربٌ من التنطع المذموم.
وجاء أيضًا أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته، مشيرةً إلى أنه أصل الأصول ودعامتها الأولى؛ فقد علم الله سبحانه وتعالى قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نصَّ على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونصَّ جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمَن له عقل وفهم وفكر سليم إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وأطال ابن الحاج في “المدخل” في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين.
وقد وضع ابن الحاج كتابه “المدخل” في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها “حُسن المَقصِد في عمل المولد”، وورد أن من صور الاحتفال؛ الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه.
ونقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية “سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد” عن بعض صالحي زمانه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “مَن فرِح بنا فَرِحنا به”.
شرف المادحين فيه
مدح الشاعر أحمد شوقي الرسول صلي الله عليه وسلم وتناول فكره ومواقفه وحياته من خلال منظور إسلامى واسع فإنه لم يمدح شخصا فقط ولكنه مدح الشخص والعقيدة والفكر والسلوك بل إن شوقى توقف كثيرا عند صفات الرسول وأخلاقه، نذكر منها: أبا الزهراءِ قد جاوزتُ قدرىِ بمدحكَ.. بَيْدَ أنّ ليَ انتسابا.. وما عَرِفَ البلاغة ذو بيانٍ.. إذا لـم يتخــــذكَ لــــه كتـــــــابا..مدحتُ المالكِينَ فزدتُ قدرا..وحين مدحتُكَ اقتَدتُ السحابا..وما للمسلمين سواكَ حصنٌ..إذا ما الضّرُ مسّهُمُ ونابا.
ولما مرض -أحمد شوقي» مرضه الأخير الذى لقى فيه ربه دخل عليه ذات صباح خادمه الخاص وقال له إن هناك رجلا ينتظرك بالخارج ويقول إن اسمه -محمد الأحمدى الظواهري فهب -أحمد شوقي» من فراشه مسرعا وهو يقول إنه شيخ الأزهر..وخرج إليه وهو يقول مرحبا بالإمام الأكبر، فلما جلسا قال الشيخ الظواهرى لأحمد شوقى، لقد جئتك مأمورا من رسول الله – صلى اللَّهُ عليهِ وآلهِ وصحبهِ وسلم.. لقد زارنى الليلة الماضية فى المنام وأمرنى أن أخبرك أنه – صلى اللَّهُ عليهِ وآلهِ وصحبهِ وسلم – فى انتظارك، بكى أحمد شوقى من شدة الفرح بهذه البشارة، ولم يمض على هذا اللقاء إلا أيام يسيرة وانتقل أمير الشعراء أحمد شوقى جوار ربه.
وقال الشيخ الشعراوي في لقاء تليفزيوني سابق له: لا تقولوا شوقى رحمه الله ولكن قولوا شوقى رضى الله عنه، فلم يمدح النبى – صلى اللَّهُ عليهِ وآلهِ وصحبهِ وسلم – أحدٌ من الناس بمثل ما مدحه به شوقى..وقد روى الإمام الشعراوى قصة أخرى عن شيخ الجامع الأزهر الشيخ الظواهرى أنه شاهد الرسول فى المنام والصحابى حسان بن ثابت شاعر الرسول يقدم له الشعراء ولكن الرسول قال لحسان وأين أحمد شوقى؟ ومن هنا ذهب الإمام شيخ الأزهر إلى شوقى فى اليوم التالى وكان مريضا وأخبره بالرؤيا.