مساحات

مساحات نيوز | “الأفروسنتريك” عنصرية مضادة للبيض بدأت في الغرب مساحات نيوز

“الأفروسنتريك” عنصرية مضادة للبيض بدأت في الغرب

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق

قبل أيام، أثارت مجموعة من الصور المتداولة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لزيارة مجموعة من جماعة المركزية الأفريقية “الأفروسنتريك” المتحف المصري بالتحرير، جدلًا واسعًا. 

ووفق الصور، فإن البروفيسور “كابا”، وهو مرشد سياحي ينتمي إلى الحركة الزاعمة بانتماء الحضارة المصرية العريقة إلى أبناء القارة السمراء، يشرح تفاصيل الحضارة المصرية القديمة لمجموعة من أتباع الحركة، مدعيًا أن الأفارقة هم أصحاب الحضارة الحقيقيين، وليس قدماء

المصريين، كما ظهر في الصورة مرشدًا سياحيًا مصريًا يقف صامتًا دون الرد على هذه المزاعم والافتراءات، الأمر الذي أثار استفزاز وغضب المصريين؛ ما دعا الحركة لحذف الصور من منصات التواصل الاجتماعي.

وتدور بعض أفكار حركة “الأفروسنتريك” حول الحضارة المصرية القديمة، حيث أن الحركة التي تعود جذورها إلى القرن الـ 19، والتي نشأت كنوع من العنصرية المضادة للرجل الأبيض في الغرب، ردًا على عقود طويلة من الاستعباد، تروج في العقود الأربعة الأخيرة لمزاعم “الأصل الأسود” للحضارة الفرعونية.

“كرد فعل للتفوق الحضاري الغربي الحديث، ونتيجة لما عانى منه الأفارقة من استعباد وعنصرية واضطهاد في الغرب، خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ونظرًا لعظمة الحضارة المصرية القديمة في مواجهة حضارة الغرب الحديث، وكنوع من إثبات الذات والتفوق الحضاري، ادعى أصحاب تلك الحركة أن أصل الحضارة المصرية إفريقي فقط، وأن الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة، وأن أجدادنا المصريين القدماء لا علاقة لهم بها، ولم يكن لهم أي دور في بناء الحضارة المصرية القديمة العريقة”.

بهذه الكلمات، أشار الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية إلى حركة “الأفروسنتريك”، باعتبارها “عنصرية بغيضة توجد بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية التي ينتشر بها بعض من الجماعات ذات الأصول الإفريقية”.

وقال: “يدعى أولئك أيضًا أن موطن المصريين القدماء الأصلي هو شبه الجزيرة العربية، وأننا تركناها إلى مصر، وهاجمنا الأفارقة، واحتللنا مصر، بلدهم، وطردناهم منها، وأننا- المصريون- دخلاء على الأرض وعلى الحضارة، كما يدعون جهلًا وعنصرية وكذبًا. ويدعو أولئك المدعون إلى العودة إلى الجذور، أي العودة إلى وطنهم الأصلي، أي مصر، أرضنا الخالدة المباركة. وكي يوهموا العالم بصحة ادعائهم، يغيرون من شكل التماثيل والمناظر المصرية القديمة، ويظهرون وجوه المصريين القدماء بلون أسود للإيحاء بأن أصلهم إفريقي بكل كذب واحتيال. وينشرون تلك الصور ذات الوجوه السوداء في كل كتاباتهم ومعارضهم بالخارج”.

وأضاف: “ظهرت حركة الأفروسينتريك منذ سنوات وتزداد انتشارًا ومدعومة من جامعات ومؤسسات أمريكية ومعادية. وعلينا أن نرد وندافع عن حقوقنا الواضحة، وأن نفضح ادعاءاتهم الكاذبة ضد مصر العظيمة وحضارتها الخالدة، وتوضيح الحقائق التاريخية للعالم كله؛ وذلك لإيقاف نشاط حركة الأفروسينتريك المعادية ضد الحضارة المصرية. ومنذ فترة، تمت إذاعة عمل فني ذي نزعة معادية ومشوهة للحضارة المصرية أظهر الملكة كليوباترا ببشرة سمراء على غير حقيقتها. ومن المعروف أن كليوباترا لم تكن سمراء. ولن تكون هذه هي المرة الأولى، ولن يكون هذا العمل هو الأخير، أو الدعوة الأخيرة، إلى سرقة حضارتنا المصرية العظيمة. فكفانا صمتًا على تزوير وسرقة وتزييف الحضارة المصرية القديمة وأشهر ملوكها وملكاتها. وعيلنا أن نستعد للدفاع عن حضارتكم المصرية القديمة وكل ما يتعلق بها؛ حتى لا نفاجأ في يوم من الأيام، ليس ببعيد، بسرقة حضارتنا المصرية العظيمة من بين أيدينا دون أن ندري”.

الفراعنة السود

حول الادعاءات بشأن “الفراعنة السود”، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية أن مصر، تاريخيًا، هي جزء أصيل وفاعل من القارة الأفريقية. ولم تكن هناك أية عنصرية أو أي استعلاء عرقي أو حضاري من مصر القديمة على جيرانها أو على الحضارات التي تفاعلت معها. 

وقال: “من المعروف أن مصر تقع في الجزء الشمالي الشرقي من أفريقيا. ويوجد عدد كبير من الحضارات الأفريقية المتميزة جنوب الصحراء. وكان لمصر القديمة امتداداتها الجغرافية والتاريخية والحضارية في أفريقيا عبر وادي النيل في النوبة العليا، والتي تعرف أثريًا لدينا باسم “كوش”، والتي كانت تمتد إلى الجندل السادس في السودان الحالية، على عكس النوبة السفلى التي كانت تقع داخل الحدود المصرية بين أسوان ووادي حلفا”.

وأشار عبد البصير إلى أنه “منذ أقدم العصور، كان لمصر القديمة وجود وتفاعل كبيرين في العمق الأفريقي. ووصل إلى القمة في عصر الدولة الحديثة، أو عصر الإمبراطورية، حين وصلت الحدود المصرية إلى الجندل الرابع في أرض كوش. وكان ملوك الدولة الحديثة يعينون حاكمًا مصريًا لإدارة أرض “كوش” أو النوبة العليا. وكان يحمل لقب “سَا نِسو إِن كَاش” أو “ابن الملك في كوش”. ومن قبل ذلك بكثير، كانت النوبة العليا مصرية، أو متمصرة، ومتشبعة بالثقافة المصرية وعلى علم وثيق بنظم الإدارة المصرية وبكل مفردات الحضارة المصرية. وقام المصريون القدماء بذلك من أجل تأمين التجارة الواردة لمصر من الجنوب، والتي كانت مصر في أشد الحاجة إليها. ولعبت الدبلوماسية والتجارة والقوة العسكرية أدوارها بين مصر القديمة وعمقها الأفريقي حسب طبيعة كل عصر من عصور التاريخ المصري القديم”.

وقد صُور بعض المصريين القدماء ببشرة سمراء في بعض الأعمال الفنية؛ وذلك لأسباب دينية كانت مرتبطة بتصوير الرب أوزير سيد العالم الآخر وعالم الظلام وعالم الموتى؛ وكان يتم ذلك التصوير لضرورات عقائدية. ولم يكن المصريون القدماء ذوي بشرة سمراء كما ظهروا في بعض من تلك الأعمال الفنية من نحت ونقش وتصوير، والتي بنى البعض نظريات خاطئة تقول إن المصريين القدماء كانوا من ذوي البشرة السوداء، بحسب عبد البصير.

وأكد: “لقد شارك الكوشيون في العمل داخل مصر في عدد من الوظائف. ودُفنوا داخل أرض مصر. بعد نهاية عصر الدولة الحديثة، مرت مصر بعصر الانتقال الثالث. وكان عصرًا في قمة الضعف على كل المستويات. وفي نهاية ذلك العصر، هبط الكوشيون أو أهل النوبة العليا، الذين كانوا متمصرين؛ لإنقاذ مصر وحضارتها الخالدة من التردي الذي حدث لها بعد عصرها الذهبي العظيم. وقام الملك الكوشي بيعنخي، أو بيا، بغزو مصر وتوحيد البلاد تحت سلطة ملك كوشي واحد. وسيطر هو وخلفاؤه، والذين كان أهمهم الملك طاهرقا، على مصر لفترة زمنية ليست بالكبيرة”.

وأوضح عبد البصير أن الملوك الكوشيون يعرفون اللغة المصرية القديمة، وكانوا يتعبدون إلى المعبودات المصرية القديمة مثل الإله آمون. وبعد وفاتهم، دفنوا أنفسهم في أهرامات صغيرة الحجم؛ تقليدًا لأسلافهم الملوك المصريين الذين أُعجبوا بهم وقلدوهم في بناء أهرامات بعيدة عن أهرامات الجيزة في الحجم والزمن، لكنها قريبة منها في الفلسفة والشكل والمغزى.

وقال: “لقد حكم الملوك الكوشيون مصر لفترة زمنية قصيرة تقدر بحوالي ثمانية وثمانين عامًا. وخرجوا من مصر تحت هجمات الآشوريين الذين أنهوا حكم الكوشيين، والذين عادوا إلى بلادهم في عاصمتهم الجنوبية في نباتا. وتأسست في مصر أسرة وطنية هي الأسرة السادسة والعشرين الصاوية في سايس، أو صا الحجر في وسط الدلتا المصرية”.

 لماذا ظهر المصريون القدماء بلون أسود؟

وفق عبد البصير، كان قدماء المصريين أكثر الحضارات تقدمًا في عصرهم. وكانوا قادرين على تنفيذ أعمال فنية جميلة، بما في ذلك التماثيل والمناظر سواء في النقوش البارزة أو الغائرة أو التصوير. وهناك البعض من تماثيلهم أو مناظرهم يظهروهم في بعض من آثارهم بلون أسود. 

وقال: “كانت التماثيل المصرية القديمة تُصنع من الأحجار الفاتحة مثل الجرانيت الوردي الأحمر، أو الحجر الجيري. وكان يتم صنع العديد من التماثيل القديمة أيضًا من الخشب أو مواد أخرى يمكن طلاؤها أو تزيينها بالألوان. وكان بعض التماثيل المصرية القديمة يُصنع من الجرانيت الأسود والبازلت، وهما من الأحجار ذات اللون الداكن. بالإضافة إلى ذلك، كان يتم طلاء أحيانًا البعض من تلك التماثيل أو الأعمال الفنية بنوع من الصبغة يسمى “الأزرق المصري”، والذي كان يعطيها مظهرًا يميل اللون الأسود مع مرور الوقت بعد تلاشي تلك الصبغة”.

وأشار مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية إلى أن اللون الأسود كان ذا رمزية كبيرة في الديانة المصرية القديمة “لقد اعتقد المصريون القدماء اعتقادًا راسخًا أن اللون الأسود كان يرمز إلى التربة السوداء الخصبة لبلدهم. وكانوا يطلقون على بلدهم، أي مصر، اسم “كيمت”، السوداء أو السمراء؛ بسبب خصوبة أرض مصر التي كان يخصبها نهر النيل الخالد بغرينه الفائق الخصوبة. أي أن كيمت تعني الأرض السوداء الخصبة. واعتقدوا أيضًا أن اللون الأسود يمثل نهر النيل نفسه. وكان النيل ضروريًا للحياة المصرية القديمة؛ إذ كان هو شريان الحياة، وكان يوفر لهم المياه للري والنقل. ولقد كان سيد الآلهة، الإله الأشهر، الرب أوزيريس أيضًا هو رب الاخضرار والنماء والزارعة والبعث والقادر على تخصيب وإنبات الأرض المصري؛ لذا صُور باللون الأسود الذي يلد على ذلك. وكان اللون الأسود يرمز إلى الظلام البدائي الذي كان موجودًا قبل خلق العالم، أو في العالم الآخر، عالم الظلام، أو العالم السفلي أو العالم الآخر الخاص برب الظلام والعالم الآخر، أوزيريس، أو كيمي”، أي الأسود، الذي كان سيد عالم الظلام وعالم الآخر، ورب الموتى، وسيد محاكمة الموتى في العالم الآخر”.

وأضاف: “لذا، فقد اعتقد المصريون القدماء أن اللون الأسود هو لون الموت والآخرة، لون ربهم أوزيريس، سيد عالم الموتى، والذي عاد من عالم الظلام؛ كي ينجب ابنه وخليفته وولي عهده على عرش مصر، الإله حورس، ابن الربة إيزيس، ثم عاد أوزيريس سيدًا على العالم الآخر مرة أخرى. وصُور بعض المصريين القدماء في تماثيلهم وآثارهم باللون الأسود تشبهًا بربهم الأكبر الإله أوزيريس.  واعتقد المصريون القدماء أنه من خلال صنع تماثيلهم بلون أسود أنهم سوف يكونون قادرين على حماية المتوفى من الأرواح الشريرة في العالم الآخر. 

ومهما كان السبب من وراء ذلك التصوير الفني الديني باللون الأسود، فقد أبدع المصريون القدماء بعضًا من أجمل التماثيل وأكثرها إثارة للاهتمام في العالم كله منذ وقت العثور عليها إلى الآن.

“الأفروسنتريك” عنصرية مضادة للبيض بدأت في الغرب

رابط مصدر المقال

Exit mobile version