التخطي إلى المحتوى

د. محمد كمال يكتب: قاطرة التقدم الحقيقية – تحقيقات وملفات

التعليم هو قاطرة التقدم الحقيقية، ومع تراجع التعليم فى مصر لعقود كان التراجع العام فى كل المستويات، وهو ما جعل الدولة والقيادة السياسية تولى التعليم أهمية قصوى فى العقد الأخير.

ويبدأ العام الدراسى الأكثر تغييراً فى نظام التعليم العام فى مصر منذ عقود، حيث بدأت الوزارة مواجهة الكثير من المشكلات المزمنة فى التعليم تستهدف إعادة الطلاب للمدارس والارتقاء بمستوى التعليم من حيث الإتاحة والجودة، وبحلول من خارج الصندوق للمرة الأولى، ففيما يخص مشكلة العجز فى الفصول، الذى وصل إلى 250 ألف فصل، ووصلت الكثافة لما يزيد على 150 طالباً، وبينما اقتصرت الحلول فى الماضى على بناء فصول جديدة، وهو الحل الذى لم ينجح فى حل الأزمة رغم تكلفته، فإن العام الدراسى الجديد تضمن خططاً مختلفة، ببناء حوالى 6 آلاف فصل تكلفت 24 مليار جنيه، بجانب حلول غير تقليدية تمثلت فى استخدام الغرف غير المستغلة وتحويلها إلى فصول دراسية، والعمل بنظام الفترتين فى بعض المدارس، مما وفر 100 ألف فصل بدون أى تكلفة، وتخفيض الكثافة لأقل من 50 طالباً فى الفصل.

وفى مجال العجز فى المدرسين الذى وصل لأكثر من 490 ألف معلم صدرت عدة قرارات، منها الإسراع فى تعيين وتسليم 30 ألف معلم، والتعاقد مع 50 ألف معلم بالحصة، ومع المعلمين على المعاش، مع تحويل مدرسى بعض المواد التى لم تعد مقررة أو إجبارية للمواد التى بها عجز. وذلك لتقليل الفجوة بين الطلب الكبير على المعلمين والعدد المتاح حالياً.

أما المناهج ونظام الدراسة فتم إدخال نظام أعمال السنة بنسبة 40% من إجمالى درجات المادة لتحفيز الطلاب على الحضور والمشاركة المستمرة طول العام الدراسى، كما تم تعديل نظام الثانوية العامة، حيث تم تعديل المواد الدراسية ومناهجها لتخفيف العبء التدريسى على الطلاب وتحسين جودة التعليم، فتم دمج الفيزياء والكيمياء والأحياء فى مادة العلوم المتكاملة، كما أصبحت اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب خارج المجموع، وتم تخفيض عدد المواد إلى 5 مواد فى الفرقتين الثانية والثالثة، وتعميق وتطوير المناهج. كذلك تم فرض تدريس مواد الدين واللغة العربية والتاريخ على المدارس الأجنبية والدولية فى مصر حتى لا يصبح الطالب منقطع الصلة بهويته وهو ما طالبنا به كثيراً.

ولعل الوزير المفاجأة كان صادقاً مع نفسه ومع الرأى العام فلم يدع منذ اليوم الأول أنه سيحل كل مشكلات التعليم، بل كانت تحركاته نشطة للغاية ومحسوبة بدقة وتصريحاته نادرة ليجعل عمله يتكلم عنه. فكان لقاؤه مع أكثر من 8 آلاف مدير مدرسة قبل أسبوعين من بداية الدراسة والاستماع لهم، كما كانت متابعاته الدائمة ونائبه الدكتور أيمن بهاء للمدارس فى كل المحافظات نموذجاً لمتابعة تنفيذ التخطيط على أرض الواقع. ويتبقى العديد من الملفات نرجو الاهتمام بها، منها منع الغش الجماعى والإلكترونى خاصة فى الثانوية العامة، وتوجيه اهتمام أكبر بالتعليم الفنى، والاهتمام بالقنوات التعليمية، وتغيير التابلت الذى يسلم حالياً لطلاب الثانوية العامة بآخر ذى إمكانيات أقل تناسب المطلوب منها مما يوفر مليارات يمكن استغلالها فى تعيين المزيد من المدرسين. ويجب ألا ننسى الدور المجتمعى فى المساعدة على نجاح هذه التعديلات والارتقاء بمستوى التعليم ولا نتعجل الحكم على التجربة، وأن تولى الأسرة المزيد من الاهتمام لأولادها وإعادتهم للمدرسة وعدم الاعتماد على الدروس والسناتر التى تسببت فى انهيار المستوى التعليمى والأخلاقى للطلاب. ولعل الثلاث سنوات القادمة تمنح الفرصة لمراجعات كثيرة لكل التعديلات للبناء عليها وإصلاح ما قد يحدث من أخطاء وتحقيق كل الأهداف المرجوة من التعليم فى مصر المستقبل.


د. محمد كمال يكتب: قاطرة التقدم الحقيقية – تحقيقات وملفات

رابط مصدر المقال