مساحات

مساحات نيوز| لمياء محمود تكتب: راعي القراءة لجيلي الثمانينات والتسعينات – كتاب الرأي مساحات نيوز

لمياء محمود تكتب: راعي القراءة لجيلي الثمانينات والتسعينات – كتاب الرأي

كنت في السابعة من عمري عندما عاد أبي من العمل، حاملا في يده كيسا بلاستيكيا كبيرا يضم عدة كتب مختلفة بينها مجلة ميكي ماوس التي اعتاد إحضارها لي كمحاولة منه لتشجيعي على القراءة، إلا أنّ أكثر ما لفت انتباهي كان رواية صغير عدد صفحاتها لا يتجاوز الـ60، بدأت في قراءتها بشغف كبير، كانت تتحدث عن مقدم اسمه نور يعمل في جهاز يعرف بالمخابرات العلمية في حقبة زمنية مستقبلية، وفريقه المكون من رمزي الطبيب النفسي وسلوى خبيرة الاتصالات والتتبع ومحمود خبير الطاقة والأشعة.

سرعان ما اندمجت بكل حواسي مع رواية أشعة الموت وازدادت رغبتي في قراءة المزيد من كتب ذاك العبقري الذي نجح في جذبي إلى مصطلحات أكبر من سني، لتبدأ رحلتي مع مؤلفات الراحل الدكتور نبيل فاروق الذي يعد المشجع الرئيسي لجيل التسعينات على القراءة بثلاث سلاسل فقط، هي ملف المستقبل ورجل المستحيل وكوكتيل 2000، بأسلوب شيق وممتع ويحوي الكثير من التفاصيل العلمية التي تفتح آفاقا جديدة لمن يقرأها ويتعلم أكثر.

الدكتور نبيل فاروق الحاصل على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة طنطا، لم يكن مجرد مؤلفا عاديا، إذ اتسم كل عدد من رواياته بالدسامة والثراء على الرغم من كونها مجرد روايات خيال علمي، لكنه نجح بأسلوبه البسيط والشيق أنّ يوعي جيلا كاملًا بالصراعات العربية والحروب التي خاضتها مصر لتحرير أرضها الثمينة في أكتوبر 1973 وقبلها حرب الاستنزاف، وكيف تحافظ مصر على أمن شعبها ورفاهيته، من خلال مهمات “رجل المستحيل” أدهم صبري، ضابط المخابرات الذي لا يشق له غبار، ويحارب دائما من أجل حماية البلد، هكذا بدأت اتعلم ما تعنيه كلمة مخابرات وضباط وأمن وحرب وسلام وكفاح، مصطلحات ربما بدت صعبة على طفلة لم تكمل عامها الثامن بعد، لكن المؤلف كان له رأي آخر.

مع مرور السنوات، كان شغفي يزداد أكثر وأكثر بمؤلفات الدكتور نبيل فاروق ذلك الرجل الذي ترك الطب من أجل الكتابة، وكلما قابلت أحدا من أصدقاء المدرسة أو الأقارب كنت أحدثه دائمًا عن أهمية قراءة روايات المؤلف العبقري الذي جذبني ببراعة إلى عالم الكتب، ووجدت أنّ كثيرا من جيلي يتابع موعد إصدارات الأعداد الجديدة بشغف كبير” كنت بستنى مع أصحابي من الساعة 6 الصبح قدام كشك الجرايد على أول شارعنا علشان ألحق العدد الجديد من ملف المستقبل ورجل المستحيل قبل ما يخلص”، رحلة شيقة تتضمن كثيرا من المعلومات في المجالات كافة سواء العلوم أو التكنولوجيا أو الجغرافيا والتاريخ نجح مثلي الأعلى في تعريفي بها

كان نبيل فاروق أول من عرفني معنى كلمة هولوجرام قبل حتى استخدامها في العصر الحديث، وكان يحرص دائما على تعريف جيلي بالمصطلحات الجديدة من خلال مغامرة شيقة لـ نور وفريقه أو مهمة صعبة تشف عن براعة الأجهزة الأمنية المصرية في الحفاظ على البلد وشعبها يخوضها أدهم صبري، ربما يصفني الجيل الحديث بالمبالغة إلا أنّ جيلي الثمانينات والتسعينات يعرفان جيدًا أهمية الكاتب الذي شجع الملايين على القراءة وتنمية عقولهم، أصبحت الآن أقرأ كثيرا من الكتب في المجالات المختلفة إلا أنّ مكتبتي الخشبية البسيطة في منزلي، تضم رفوفا كاملة تخلد أعمال كاتب راحل أثرى عقول الكثيرين ودفعهم إلى استكشاف آفاق مختلفة، فسلام على روح مؤلف نحتفي بكتاباته كلما سنحت الفرصة.


لمياء محمود تكتب: راعي القراءة لجيلي الثمانينات والتسعينات – كتاب الرأي

رابط مصدر المقال

Exit mobile version