مساحات

مساحات نيوز| محمد علي رشوان يكتب: هذه تجربتي – كتاب الرأي مساحات نيوز

محمد علي رشوان يكتب: هذه تجربتي – كتاب الرأي

كنت أعلم جيداً أن الأخلاق أعلى وأهم من أى منصب، وأهم من الذهب نفسه، وأؤمن تماماً أنه ليس من دينى ولا أخلاقى أن أكسب على حساب شخص مصاب، فكانت النتيجة أننى ربحت بفضل الأخلاق الكثير وصِرت من أشهر لاعبى العالم، وجائزة الأخلاق لدىّ هى الأعظم فى مسيرتى.

موقفى الأخلاقى الذى بهر العالم يعود إلى المباراة النهائية بين مصر الممثلة فى شخصى، واليابان ممثلة فى -ياسوهيرو ياماشيتا»؛ تعمّدت الخسارة أمام بطل العالم الذى كان مصاباً فى المباراة النهائية بأولمبياد 1984 فى لوس أنجلوس، ورفضت استغلال إصابته لأنال بعدها ميدالية الروح الرياضية من منظمة اليونيسكو، التى تُعتبر روح الألعاب الأولمبية قبل أى نتائج، وقبل ذلك تقدير العالم واحترامه لهذا الموقف الرياضى.

-الأخلاق» منحتنى مجداً لم أكن أحلم به.. دخلت قصر الإمبراطور والمواقف الإنسانية هى الباقية 

دخلت تاريخ الرياضة بصفة عامة، ورياضة الجودو بصفة خاصة مرتين، الأولى بالخُلق الرياضى الرفيع، والثانية بمستواى العالمى كبطل معروف فى الدورات الأولمبية، جنيت الكثير من هذا الموقف، وما زلت أجنى الكثير معنوياً، بسبب الأخلاق والأمانة واحترام المنافس، لقد منحتنى الأخلاق مجداً لم أكن أحلم به.

يوم المباراة أصدرت منظمة اليونيسكو بياناً أشادت فيه بموقفى ومنحتنى ميدالية الروح الرياضية، التى تعتبر روح الألعاب الأولمبية قبل أى نتائج، حصدت جائزة اللعب النظيف عام 1985م، وجائزة أحسن خُلق رياضى فى العالم من اللجنة الأولمبية الدولية للعدل، والتى توجد بفرنسا.

قلّدنى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أرفع الأوسمة، واستقبال الجماهير اليابانية لى بكل احترام وتقدير هو أعظم إنجاز، كما أننى تزوجت من إحدى اليابانيات، لم تقف إنجازاتى عند هذا الحد، بل حصدت جائزة -بيار دى كوبرتان»، باعث الألعاب الأولمبية الحديثة الدولية لعام 1984 وشهادة امتياز خاصة لأحسن خُلق رياضى، واختارتنى مجلة -الإيكيب» الرياضية الفرنسية كثانى أحسن رياضى فى العالم فى الخلق الرياضى، وكرّمنى اتحاد الجودو فى اليابان، بوسام -الشمس المشرقة»، الذى يُعد أهم الأوسمة اليابانية.

بعد هذا الأولمبياد تدرّبت فى أماكن كثيرة، لا يمكن لأى شخص، حتى إن كان من اليابان أن يخوض تدريبه فيها، أماكن مخصّصة للجودو، وتدرّبت فى قصر الإمبراطور اليابانى فى حدث جلل؛ حيث لا يمكن لأى شخص الدخول فى القصر الإمبراطورى وخوض تدريبه فيه، وهو ضد البروتوكول والمعروف عن اليابانيين.

وبعد 34 عاماً من الأولمبياد، سافرت إلى اليابان، وأجريت جراحة هناك، كان الاستقبال هناك أكثر من رائع، وطريقة التعامل لا يُمكن الحديث عنها، والطبيب الخاص الذى أجرى الجراحة كان يقوم بمتابعتى بشكل شخصى على غير المعتاد والمعروف عنه فى اليابان مع الأطباء.

اليابانيون سمحوا لى رغم قسوة النظام الطبى هناك، بأن ترافقنى زوجتى طوال فترة الجراحة التى امتدت إلى شهرين ونصف الشهر، كما أن كل ما كنت أطلبه كانت تتم الاستجابة لى بشكل سريع، كما حصلت على جائزة من الاتحاد الدولى، بسبب هذا الموقف، وقبل شهر ونصف تقريباً حصلت على تكريم من رئيس الاتحاد الأفريقى.

أقول كل هذا للتأكيد على الشباب والشابات والجيل الحالى والقادم على مستوى كل الألعاب الرياضية فى مصرنا الحبيبة بأن الأخلاق هى السند لكم فى كل وقت وحين، قد تفوز ببطولة ما بطريقة غير شريفة، فلا يتذكرك أحد، المواقف الإنسانية هى الباقية لك، نعم اجتهد وكافح من أجل أن تكون البطل، ولكن لا تجعل هذه البطولة على حساب شخص آخر يستحق أو يكون أفضل منك، لا تبحث عن منصب أو لقب وأنت لم تقدم المطلوب منك من أجله، ذكريات تمر بخاطرى كلما اقتربت الأولمبياد، لم أندم لحظة واحدة على ما فعلت، ومع كل دورة أو بطولة يزيد يقينى بأن التصرّف الذى قُمت به كان من فضل الله علىّ، ربنا سبحانه وتعالى هدانى إلى ما فعلت من أجل أن أفوز معنوياً بمكاسب كان من المستحيل أن أحصل عليها لو حصلت على الميدالية الذهبية، مستغلاً إصابة مَن أمامى واستغلال نقطة ضعف به، كان يظن الجميع، أو حتى أغلبية من كانوا يتابعون الحدث، أننى سأفعل ذلك، ولكننى لم أفعل، وكان موقفى مفاجأة كبيرة لهم وقتها، وعلى بعضهم حتى الآن.


محمد علي رشوان يكتب: هذه تجربتي – كتاب الرأي

رابط مصدر المقال

Exit mobile version